الصفحات

السبت، 29 نوفمبر 2014

حب آل بيت النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم





حب آل بيت النبي المصطفى
صلى الله عليه وآله وسلم 

بحث وتحقيق:

للسيد ابي القاسم

د.يسٓ الكليدار الرضوي الموسوي الحسيني الهاشمي،

نقابة الأشراف الطالبيين في العالم الإسلاميّ


الحمد لله الكبير المتعال.. ذي الفضل والكمال.. ذي العزة والجمال.. ذي القوة والجلال.. 
الذي يُسبح بحمده كل شيء بالغدو والآصال.. يعلمُ ما في بطن البحر وغور الجبال.. 

خلق كل شيء في حسن واعتدال.. وإليه المرجع والمآب.. وليس في ملكه عَوَجُ أو اختلال..


والصلاة والسلام على رسول الله الضحوك القتال ..


وعلى آله وصحبه أهل الفضل والإجلال..
 أما بعد:  
ان وجوب حب آل بيت النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم هو من المسلمات التي نصت عليها احاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحاح, 
وسار على نهجها الخلفاء الراشدين المهديين من بعده,
حيث انه وجب على المسلمين عامة حب آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم و إجلالهم,
وأوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحبهم وأستوصى بهم .
أخرج ابن سعد: 
"قال رسول صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بأهل بيتى خيرا، فإنى أخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصمه: خصمه الله) ،
ونقل القرطبى عن ابن عباس فى قوله تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضى"الضحى:5.
قال: رضا محمد ألاّ يدخل أحد من أهل بيته النار.
وأخرج البخارى عن ابن عمر قال آبو بكر: خطب النبى فقال:(أذكركم الله فى أهل بيتى ثلاثا).
وروى الامام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله سائلكم كيف خلفتمونى فى كتاب الله وأهل بيتى). وروى الحاكم والترمذى، وصححه على شرط الشيخين ،
 قال صلى الله عليه وسلم: (أحبوا الله لما يغذوكم به ، واًحبونى بحب الله وأحبوا أهل بيتى بحبى) ، وهناك آثار كثيرة تدل على وجوب حب آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم.
ولقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الكثير من الآثار التي تدل على تحريم بغض آل البيت
نخرج منها للتأكيد والاستزادة والرد على من يقلل من شانهم:
ما أخرجه الطبرانى والبيهقى وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بال أقوام يؤذوننى فى نسبى وذوى رحمى؟ ومن آذى نسبى وذوى رحمى فقد آذانى، ومن آذانى فقد آذى الله).
وروى الامام  أحمد مرفوعا: (من أبغض أهل البيت فهو منافق).
وروى الحاكم وصحته على شرط الشيخين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار).
وقد بلغ من عظيم أدب السلف الصالح أنهم كانوا لا يقرءون فى الصلاة بسورة "المسد" حفاظا على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفسه ، مع أنها قرآن منزل.
وعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: (( أَحِبّوا اللّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبّونِي بِحُبّ اللّهِ، وَأحِبّوا أَهْلَ بَيْتِي لحُبّي )) (سنن الترمذي 5/ 320 وقال حسن غريب . والحاكم في المستدرك 3 / 149.قال المناوي: وصححاه وأقره الذهبي( فيض القدير 1/230 )).

قال المناوي:
 أي إنَّما تحبونهما لأنَّي أحببتهم بحب الله تعالى لهم وقد يكون أمرا بحبهم لأنَّ محبتهم لهم تصديق لمحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم(قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى) (فيض القدير 1/230).
وقد فهم الصديق العتيق ابو بكر الصديق رضي الله عنه وصية النبي بأهل بيته حق الفهم, فأحبهم وأكرمهم ودعا الناس إلى محبتهم وإكرامهم وهذه الادلة التي نحتج بها.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ بن الخطاب عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ (( ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِه )) (صحيح البخاري 5/ 26).
فهذا خطاب من الصديق رضي الله عنه ووصية منه للناس لحفظ حقوق آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( فالمراقبة للشيء المحافظة عليه).
قال الحافظ ابن حجر: (ارقبوا محمدا في أهل بيته) يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به والمراقبة للشئ المحافظة عليه يقول احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم ثم ذكر حديث المسور فاطمة بضعة مني فمن اغضبها اغضبني (فتح الباري 7 / 63).
وقد أكد الصديق رضي الله عنه هذه الحقوق بما قاله لعلي كرم الله وجهه :(( والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحبّ إليَّ أن أصلَ من قرابتي )) (صحيح البخاري 4 / 1481 ،صحيح مسلم 4 / 1549 ).
وقال عمر بن الخطاب للعباس رضي الله تعالى عنهما والله لأسلامك يوم أسلمت كان أحبَّ إليَّ من إسلام الخطاب لو أسلم لانَّ إسلامك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب.
وقد طبق الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا المعنى بشفافية ومحبة,
 فقد ورد لما فرض رضي الله عنه للناس عطاءهم , قالوا له ابدأ بنفسك فأبى , وبدا بالأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (مجمع الزوائد. للحافظ الهيثمي كتاب الجهاد. باب تدوين العطاء. ج 5 ص.622.).
وحمل إليه رضي الله عنه مرة مالاً ليفرقه ,
فبدأ بالحسن والحسين رضي الله عنهما , فالتفت اليه ولده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , وقال: يا أبتي أنا أحق أن تقدمني بالعطية لمكانك في الخلافة .فقال : يا بني ايت لك بأب كأبيهما , أو جد كجدهما حتى أقدمك بالعطية (مجمع الزوائد. للحافظ الهيثمي كتاب الجهاد. باب تدوين العطاء. ج 5 ص.622.).
ولقد عرف عنه رضي الله عنه أنَّه كان يحب الحسن والحسين ويقدمهما على ولده .
وقال الفاروق عمر رضي الله عنه مرة للزبير بن العوام :
هل لك أن نعود الحسن بن علي فانَّه مريض, أما علمت: إنَّ عيادة بني هاشم فريضة وزيارتهم نافلة (ابن عدي في الكامل ج 2 ص 155 والصواعق المحرقة ص 156.).
واعلم اخي في الله انه لا يتم إيمان الرجل إلا بحب آل البيت , بل هو أصل من أصول الشريعة السمحاء .
وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
وإنَّ من أصول أهل السنة والجماعة أنَّهم يحبون أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويتولوهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وانَّ من محبة الله وطاعته محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وطاعته .
ومن محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وطاعته محبة من أحبه الرسول وطاعة من أمر الرسول بطاعته.
 وقال البيهقي:  ودخل في جملة محبته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( حب آله ) .
وفي ذلك يقول الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي الديار الحجازية رحمه الله في فتواه المؤرخة في (22/3/1401هـ رقم :1/641 ),
ما مضمونها :
أنَّ الواجب سدَّ حاجة أهل البيت أعني بيت النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهم بنو هاشم ويدخل فيهم جميع ذرية الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ومن ينتسب إليهم وسائر الأشراف والسادة . وجميع من يثبت نسبه من بني هاشم . ولا يخفى أنَّ إكرامهم والإحسان إليهم حق من الحقوق الشرعية ومن تحقيقه كمال محبة الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومن كمال الإيمان .
وقال القاضي عياض :
إنَّ من علامات محبته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم والتي يجب على المؤمن الأخذ بها . محبته لمن أحب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . ومن هو بسببه من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار فمن أحب شيء أحب من يحبه .
وقال ابن كثير
ولا ننكر الوصايا بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم فإنَّهم من ذرية طاهرة من اشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية .
كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وأهل بيته وذريته . رضي الله عنهم جميعاً .
وهنالك من الادلة الكثيرة الصحاح و التي توجب الحب والمودة والاكرام لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
فعَن جابِرِ بنِ عَبْدِ اللّهِ قال: "رَأيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم في حَجّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ القَصوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّي قد تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلّوا كِتَابَ اللّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي )) (سنن الترمذي 5/ 328 ، المعجم الاوسط للطبراني 5/89 ).
وورد عن العباس رضي الله عنه: قال العباس بن عبد المطلب قلت يارسول الله أنَّ قريشاً تتلاقى بينها بوجوه لا تلقانا بها . (( فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : أما إنَّ الأيمان لا يدخل اجوافهم حتى يحبوكم لي )) (مسند الامام أحمد 1/207).
وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : (( والله لا يدخل قلب امرىء مسلم الإيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي )) (أنظرهذه الصواعق المحرقة لابن حجر ص 91/140/150/234 . وأحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 112/114).
وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : (( استوصوا بأهل بيتي خيراً فانِّي أخاصمكم عنهم غداً ومن أكن خصمه اخصمه ومن اخصمه دخل النار ))( ذخائر العقبى ص18،الصواعق المحرقة ص90).
وفي معجم الطبراني عن ابن عباس (رض) وتاريخ الخطيب باسنادهم الى جابر (رض) قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): ان الله عز وجل جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة وجعل ذريتي من صلبي وصلب علي بن ابي طالب وان كل بني بنت ينسبون الى ابيهم الا اولاد فاطمة فاني انا ابوهم).
وما ورد في حديثه صلى الله عليه وسلم دلالة على انهم من خير بيت وخير نسب :
حدثنا سُفْيَانُ عَن يَزِيدَ بنِ أبي زِيادٍ عَن عَبْدِ اللَّهِ بنِ الْحَارِثِ عَن المُطَّلِبِ بنِ أبِي وَدَاعَةَ قالَ: «جَاءَ العَبَّاسُ إِلَى رسُولِ اللَّهِ وكَأَنَّهُ سَمِعَ شَيْئاً، فقامَ النبِيُّ عَلَى المِنْبَرِ فقالَ: مَنْ أَنَا؟ فقَالُوا أنْتَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْكَ السَّلاَمُ، قالَ أنَا مُحمّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الَخَلْقَ فَجَعَلَنِي في خَيْرِهِمْ فرقة، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي في خَيْرِهِمْ ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي في خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتاً فَجَعَلَنِي في خَيْرِهِمْ بَيْتاً وَخَيْرِهِمْ نَفْساً» أخرجه الترمذي -(3758)
قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ. وَرُوِيَ عَن سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَن يَزِيدَ بنِ أبِي زِيَادٍ نَحْوَ حَدِيثِ إسمَاعِيلَ بنِ أبِي خَالِدٍ عَن يَزِيدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ عَن عَبْدِ اللَّهِ بنِ الحارِثِ عَن العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ.
وبالتأكيد على ذلك ماورد في مسند الامام احمد :
فعن المطلب بن أبي وداعة قال : قال العباس : « بلغه صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس ، قال : فصعد المنبر ، فقال : من أنا ؟ قالوا : أنت رسول الله فقال : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة ، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً فأنا خيركم بيتاً ، وخيركم نفساً» مسند الامام أحمد- (1799).

وصلى الله على النبي الأمي وعلى آله وسلم